حالة الطقس
يوم الجمعة
19 أفريل 2024
الساعة: 19:39:14
سطيف : توقيف متورطين في بيع فلوس الكوكلي على أساس صوص انتاج اللحمالعلمة : بعد ضبط كميات كبيرة تباع على الحالة ، تحقيقات مع مستوردي مادة الخشب الموجه للتصنيعبعد قرار إضافة رحلات داخلية جديدة ، هل يتحرر مطار سطيف ؟في ذكرى وفاة الشهيد داهل الذويبي صاحب أهم مركز ثوري بدوار اولاد علي بن ناصر ببني فودةاعادة تعيين رؤساء البلديات الخمس الموجودة في حالة انسداد
الطفولة في الجزائر...هـل مـن حمايـة ؟
أعمدة الراي في سطيف

الطفولة في الجزائر...هـل مـن حمايـة ؟


                                                                                      بقلم: أ/ كردالواد مصطفى

كـليـة الحقوق- جامعة سطيف 2-


    تعتبر فئة الأطفال (ذكور وإناث) من الفئات الضعيفة التي تحتاج إلى رعاية خاصة من جميع الجوانب الأسرية والاجتماعية والقانونية. فهذه الفئة الهشـة بلغة الأمن الإنساني ترجع عِلّـة هشاشتها إلى صغر سنّها، مما يحول في الكثير من الأحيان دون تمتّعها بكامل حقوقها وأمنها كما هو الشّأن بالنسبة لباقي الفئات المجتمعية.

   أُبرمت على المستوى الدولي العديد من الاتفاقيات لحماية حقوق الطفل، ومن جهتها أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات هامة في هذا الشأن، كما أُنشات منظمة دولية لرعاية الطفولة وهي منظمة اليونسيف تختص بمتابعة واقع الطفولة ومدى التزام الدول باتفاقيات حماية الطفل.

   كغيرها من دول العالم، انضمّت الجزائر إلى معظم الاتفاقيات والأجهزة الدولية لحماية حقوق الطفل المذكورة أعلاه، وتسلّم الجزائر تقارير إلى هذه الأجهزة المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية والإقليمية. حيث تبرز في هذه التقارير مدى التزامها بتنفيذ واحترام ما ورد في هذه الاتفاقيات الخاصة بحقوق الطفل.

   بادئ ذي بدء، تعززت منظومة حماية حقوق الطفل في الجزائر بانضمامها (الجزائر) إلى اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نوفمبر سنة1989[1]. كما انضمت الجزائر إلى الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته لسنة 1990[2]. إلى جانب هذه الاتفاقيات صادقت الجزائر على البروتوكول الإختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية المعتمد بنيويورك في 25 ماي سنة 2000[3]. كما انضمت الجزائر إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة المعتمد بنيويورك في 25 ماي سنة 2000[4].

   تضمنت جلّ الاتفاقيات الدولية والإقليمية الخاصة بحماية حقوق الطفل التي انضمت إليها الجزائر، نصوصا صريحة تؤكد على حق الطفل في الحياة باعتباره حق أساسي، وعلى حقوقه في السلامة الجسدية والنفسية، وعلى حقه في الغذاء والصحة والتعليم والترفيه والرعاية الاجتماعية، إلى جانب حقه في الحماية من العنف ومن كل أشكال الاعتداء الجسدي والجنسي والنفسي...

   وفي إطار تكييف الدول الجزائرية لمنظومتها القانونية الوطنية لحماية حقوق الطفل مع المنظومة القانونية الدولية والإقليمية لحماية حقوق الطفل التي انضمت إليها، قامت الجزائر بإصدار قوانين جديدة، كما عدلت، وألغت قوانين أخرى في مجال حماية الحقوق الطفل. وفي هذا السياق أصدرت الجزائر القانون رقم 15-12 المتعلق بحماية حقوق الطفل. ولهذا الغرض أنشأ هذا القانون هيئة وطنية لحماية وترقية الطفولة يرأسها مفوض وطني لحماية الطفولة وتعمل هذه اللجنة تحت وصاية الوزير الأول[5].

   غنى عن ذلك، يمتع الأطفال (ذكور وإناث) في الجزائر بحماية دستورية (المادة 72 من دستور 2016). وهي أرقى أنواع الحماية بالمنظور الحقوقي. وتتفرع عن هذه الحماية الدستورية للطفل حماية جزائية بموجب قانون العقوبات الذي يشدد في نصوصه ومواده على معاقبة مرتكبي الجرائم ضد الأطفال القصر؛ بالموازاة مع ذلك يستفيد الطفل القاصر مرتكب الجريمة بموجب قانون الإجراءات الجزائية من حماية إجرائية خاصة عند محاكمته، تراعي وضعه الجسدي والذهني والنفسي. وهي إجراءات لا تهدف إلى معاقبته بقدر ما تهدف إلى استرجاعه من خلال إعادة تصحيح وضعه النفسي والأسري والتربوي الذي دفعه إلى الجنوح.

 كما يستفيد الطفل في الجزائر من حماية مدنية بموجب قانون الأسرة الذي اعترف له بحقوق على والديه وعلى الأوصياء والقائمين عليه، وذلك منذ فترة الحمل به إلى غاية بلوغه سن الرشد. وتتوسع حماية الطفل في التشريعات المدنية الجزائرية؛ وبالأخص في القانون المدني الذي راعى وشدد على حماية حقوق وأموال الطفل وعلى كيفية إدارتها مراعاة دائما لمصلحته.

    يمكن القول بأنّ منظومة حماية حقوق الطفل التي تحوزها الجزائر على المستوى النظري هي منظومة قانونية وحقوقية متكاملة وذات معايير عالمية في هذا الشأن؛ تعززها أساسا قيم الدين الإسلامي ومختلف القيم المجتمعية والثقافية التي تولي أهمية خاصة للطفل باعتباره عضو في الأسرة يحتاج إلى رعاية وتربية وتكفل بمختلف احتياجاته .

   لكن في السنوات الأخيرة، شكّلت ظاهرة اختطاف الأطفال (ذكور وإناث) ثم قتلهم على يد مختطفيهم إعتداء صارخا على حق الطفل في الحياة. وهو وضع غريب وصادم يتقاسم ألمه كل أفراد المجتمع الجزائري مع كل اختطاف يتعرض له أحد أبناء الجزائر. لذلك يستدعي الأمر البحث عن مكامن الخلل في منظومة حماية حقوق الطفل في الجزائر. وهي مسؤولية لا تُلقى فقط على عاتق رجال القانون، بل يجب إشراك إلى جانب القانونيين؛ المختصين في علم الإجتماع والنفسانيين، علماء وأئمة، أطباء، مؤسسات الرعاية الإجتماعية والتربوية، والأولياء، والمجتمع المدني بكل فعالياته، والوزارات ذات الصلة بالشأن الأسري والديني والصحي والتربوي والرياضي...كل ذلك من أجل إيجاد مقاربة شاملة متعددة فواعل الحماية(أسرة، مجتمع، مؤسسات...). كما توسع هذه المقاربة من آليات الحماية المقررة (قانونية، دينية ،اجتماعية، تربوية، صحية، ثقافية...). وبذلك تصحح هذه المقاربة الخلل الواقع في منظومة حماية الطفل، وتُفعل مختلف النصوص والتشريعات والأجهزة والمؤسسات الموضوعة من أجل ضمان تمتع الطفل الجزائري بجميع حقوقه وفي مقدمتها حقه في الحياة.   

الهوامش والمراجع:

[1] صادقت الجزائر في 19 ديسمبر سنة 1992 (جريدة رسمية رقم 91) على اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نوفمبر سنة 1989.أنظر: اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها:" قائمة أهم الصكوك الدولية والجهوية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجزائر"، فيفري 2014، الجزائر، ص6.

[2] صادقت الجزائر على الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته لسنة 1990 بموجب المرسوم الرئاسي رقم 03-242 المؤرخ في 8 جويلية سنة 2003، جريدة رسمية عدد 41 سنة 2003.

[3] صادقت الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 06-229 المؤرخ في 2 سبتمبر سنة 2006 (ج ر عدد55) على البروتوكول الإختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية المعتمد بنيويورك في 25 ماي سنة 2000.

[4] صادقت الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 06-300 المؤرخ في 2 سبتمبر سنة 2006 (ج ر عدد55) على البروتوكول الإختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية، المعتمد بنيويورك في 25 ماي سنة 2000.

[5] أصدرت الجزائر القانون رقم 15-12 المؤرخ في 15 جوان 2015 (ج رعدد 39 لسنة 2015) ويهدف هذا القانون حسب مادته الأولى إلى تحديد قواعد وآليات حماية الطفل في الجزائر. ولهذا الغرض أنشأ هيئة وطنية لحماية وترقية الطفولة يرأسها مفوض وطني لحماية الطفولة وتعمل هذه اللجنة تحت وصاية الوزير الأول.

تم تصفح هذه الصفحة 23310 مرة.