صعد الهمام إلى أعلى التمثال غاضبا مكبرا،
يجرجر آخر ما رسخ من كرامات الإيمان "الوهابي"، وانهال ضربا على وجه
الصخرة العارية "التي لا تستحي" وعلى نهديها منتصرا للعفة والعفاف، كما
أمر بذلك أهل الحل والعقد من سادة الفقه الأشراف.
لكن "أبا مطرقة" لم يكن يعلم بأن
سطيف مدينة أوروبية التأسيس والبناء، وأن تمثال العين الفوارة يعد جزءا من الذاكرة
المادية للمدينة.. وأن مشايخ البلدة قد دأبوا لأكثر من قرن على الوضوء بهذه العين
ثم الصلاة بالجامع العتيق -الذي بناه الاوروبيون كذلك-، بلا اكتراث ولا أدنى
اهتمام لشكل ولا لهيئة التمثال، ودون أن ينقص هذا من إيمانهم ولا من انتمائهم شيئا.
دخل كبار الصحابة الأجلاء مدينة ايلياء
فاتحين منتصرين، وكان بها من التماثيل التعبدية الكثير، فلم يهدموا
"صنما" ولا كسروا صليبا ولا دمروا كنيسا.. حتى أن سيدنا عمر بن الخطاب
رضي الله تعالى عنه، عمد إلى رفع صليب كان مرميا على الأرض بكنيسة القيامة احتراما
لكهنتها.
إن ما حدث في سطيف يعد نتيجة حتمية للبؤس
الثقافي والاهتزاز الايماني والانحراف الأخلاقي الذي يعيشه المجتمع منذ عهد بعيد..
ولذلك وجب على من يقف مؤيدا لهذا الفعل "المخل" بالعقل والمنطق
والثقافة، بأن لا يفرح كثيرا، لأن "الكفر" على مسمع من الناس، والسفه
والجور والكلام البذيء، والجهالة الجهلاء والغي والغوى والشقاق والنفاق.. كلها
"ثوابت" لهذا المجتمع المنحرف، لن تسقط بسقوط عذراء فرانسيس دو سان
فيدال.
ــــــــــــــــــــ سطيف في 19 ديسمبر 2017 / مصطفى بن مرابط.