حالة الطقس
يوم الخميس
28 مارس 2024
الساعة: 16:51:10
وزارة العدل: منصة رقمية للاتصال بالمحبوسين إلكترونياأبرز الملفات التي درستها الحكومة في اجتماعها اليومأمن دائرة العلمة :الإطاحة ب 03 نصابينالرئيس تبون : تأكيد على إيلاء الأهمية لاستكمال البرامج التنموية ب 04 ولاياتBRIسطيف توقيف 04 أشخاص وحجز نصف كغ من الكيف المعالج و5400 كبسولة من المؤثرات العقلية.
الإنتلجنسيا العربية في زمن احتراق البيت العربي
أعمدة الراي في سطيف

الإنتلجنسيا العربية في زمن احتراق البيت العربي

 

بقلم:أ/ كردالواد مصطفى

mestafaboulem@yahoo.fr

 

     يعتبر الدين الإسلامي من أهم مكونات الهوية العربية الذي يقوم عليه عمران وسلطان دولة العرب؛ كما ذهب إلى ذلك العلامة بن خلدون؛ فهذه الخصوصية في تركيبة هوية المجتمعات العربية؛ مضافا إليها عامل آخر يتمثل في زحف الاحتلال الأجنبي في العصر الحديث على دولة العرب مجتمعة أو أشتاتا؛ كل ذلك أنتج لاحقا في مرحلة الاستقلال نخبا عربية متعددة المشارب والتوجهات في المجتمعات العربية، فهذا التعدد على مستوى النخب؛ أنتج بدوره تعددا على مستوى المشاريع والتصورات المطروحة لقراءة واقع الأمة العربية واستشراف مستقبلها.

   لذلك يبدو جليا من تاريخ الأمة العربية بأن نخبها المتعددة التوجهات؛ قامت بأدوار طلائعية في مسيرتها التاريخية. لكن كل هذه الأدوار كانت تتم في إطار هامش الحرية المسموح به لهذه النخبة؛ وذلك في خضم الإشكالية الكبرى المطروحة في العالم العربي حول علاقة رجل السلطة برجل الفكر.

    فمنذ زمن غير بعيد، وبالضبط في مرحلة ما بعد الاستقلال حاولت الدولة العربية الوطنية تنميط نخبها؛ من أجل توظيفها في شحن وشحذ الجماهير العربية خلف مشاريعها القومية التي طرحتها آنذاك، فتباينت مواقف هذه النخب؛ بين منخرط في هذه المشاريع؛ وبين معارض لها؛ وهناك من النخب من أمسك العصا من الوسط؛ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

   أما اليوم، ومع هبوب رياح العولمة العاتية على المنطقة العربية؛ والتي حملت معها العديد من التحولات الكبرى في المنطقة، فقد ظهرت على إثر ذلك فواعل جديدة إلى جانب الدولة؛ على غرار الأفراد، والمجتمع المدني، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية. كل ذلك أدى إلى تراجع الدولة الوطنية وتآكلها، وانتقلت عدوى التآكل هذه؛ لتصيب حتى النخب العربية التي تم تنميطها أيام الدولة الوطنية الآيلة اليوم إلى الزوال .

  زيادة على ذلك، كشفت الأحداث التي جرت مؤخرا في بعض الدول العربية عن العديد من التجلّيات؛ لعلّ من أبرزها حالة الهشاشة والضعف اللذين أصابا النخب العربية القائمة، حيث كان الشارع العربي في تلك الدول المضطربة يتحرك على وقع نشاط شباب متحكّمين في تكنولوجيا الاتّصال والمعلومات؛ أكثر من تحكمهم في تكنولوجيا إدارة العقول البشرية وقيادتها.

   كما بيّـنت هذه الأحداث بأنّ الزمن الرقمي قد تجاوز بكثير قطاعات واسعة من النخب العربية القائمة من حيث طروحاتها ووسائلها وطرق التأثير التي توظفها. فهذا الحال الذي وصلت إليه النخب العربية اليوم، جعل شرائح واسعة من المجتمعات العربية؛ تصاب بمتلازمة الحساسية والنفور اتجاه خطابات هذه النخب القائمة؛ ولا تتوانى هذه الشرائح في وصف هذه النخب بالنخب المحنطة؛ بل وصل الأمر بالشارع العربي إلى حد تخوين هذه النخب باسم الدين أوالأمن القومي أوالإيديولوجيا، بل تعدى ذلك إلى وصفها بشتى نعوت العمالة، والتخلف، وعدم مسايرة الواقع العربي في عمقه.

   وعليه، انطلاقا من منظور الشارع العربي؛ فإن الإنتلجنسيا العربية اليوم؛ تعاني على المستويين الفكرى والسيكوسياسي؛ فعلى المستوى الفكري فهي تعاني من حالة أنيميا معرفية حادة؛ لأن جزء منها لايزال رهين أفكار ومفاهيم بالية عفى عنها الزمن؛ أما جزءها الآخر فأصبح يتغذى علنا على مشاريع وتصورات غيره للنهوض بأمته. أما على المستوى السيكوسياسي فهذه الإنتلجنسيا تعاني من حالة رهاب شديد وخوف مركب؛ فهي من جهة تخاف من الشعب الذي أصبح لا يثق فيها، ولا يتورع في وصفها بأشنع النعوت والأوصاف، ومن جهة أخرى تخاف هذه النخب من السلطة التي تمارس معها سياسة العصا والجزرة.

   لكن، عند الاستعانة بالمنظور التركي للإنتلجنسيا؛ والذي تعكسه نظرة مؤسس تركيا الحديثة كمال أتارتورك بقوله: "عندما أتكلم عن الجيش فإني أتكلم عن إنتلجنسيا الأمة التركية، فالأمة التركية تعتبر الجيش حامي لمبادئها". فعند مقاربة أدوار الإنتلجنسيا (العسكرية) العربية وفق المنظور الأتاتوركي للنخبة في واقع بعض البلدان العربية التي عرفت الحراك الشعبي؛ يبرز دور هذه النخبة في تعاطيها مع هذه الأوضاع غير المسبوقة؛ من خلال تدخلها اللاحق في منع الفراغ المؤسساتي استنادا إلى مهامها الدستورية؛ خاصة بعد فشل مشاريع الإنتلجنسيا القائمة في قيادة مجتمعاتها نحو بـرّ الأمان .

   في الأخير، يستدعي الموضوع مزيدا من البحث عن مكامن العطالة التي أصابت العقل الإستراتيجي العربي ممثلا في نخبته؛ والتي فشلت في طرح السؤال ومن ثم إيجاد حلول للمأزق الحضاري الذي وقعت فيه الأمة العربية منذ زمن بعيد؛ بل أدى فشل وإفشال هذه الإنتلجنسيا في صياغة مشروعها الجديد لنهضة الأمة؛ إلى زيادة تواريها إلى الخلف؛ مما فسح المجال أمام شيوع لغة العنف والتطرف وإقصاء الآخر تحت مسميات عدة.

 

*باحث في طور الدكتوراه الحقوق والأمن .

 

 

 

 

تم تصفح هذه الصفحة 9270 مرة.
فيديو
صورة و تعليق
هدرة الناس
والي سطيف و الكورونا ؟إقرأ المقالة
قناتنا على اليوتيوب
تطوير Djidel Solutions