حالة الطقس
يوم الجمعة
29 مارس 2024
الساعة: 7:02:26
تدابير عقابية ضد 6 قنوات تلفزيونيةمشروع 60 مسكن LPA ببوقاعة :04 سنوات من التأخرعن موعد الاستلام والحل ليس غداوزارة العدل: منصة رقمية للاتصال بالمحبوسين إلكترونياأبرز الملفات التي درستها الحكومة في اجتماعها اليومأمن دائرة العلمة :الإطاحة ب 03 نصابين
جنايات سطيف ، البراءة لأستاذة التعليم الثانوي التي أرادت رقية أختها فقتلتها تحت تأثير قوى غير طبيعة.
قضايا و تحقيقات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كتب /عاشور جلابي  / صوت سطيف.

ستبقى المحاكمة التي جرت أمس الخميس  بمحكمة الجنايات الابتدائية بسطيف من أغرب  و أصعب المحاكمات في هذه الدورة و ستبقى هذه المحاكمة راسخة في أذهان كل من حضر جلسة المحاكمة و استمع  إلى أطوارها و حيثياتها .

تفاصيل غريبة و عجيبة و خطيرة لجريمة قتل عمدي شنيعة تشبه إلى حد كبير فيلم خيالي مرعب ،مما جعل الكثير من المحامين و بعض المهتمين و الصحفيين و حتى رجال الشرطة و الدرك الوطني المكلفين بالحراسة و المرافقة الأمنية يتابعون أطوار المحاكمة بانتباه و تركيز كبيرين حتى نهاية أطوار المحاكمة و النطق بالحكم ببراءة المتهمة الرئيسة من التهمة المنسوبة إليها بسبب انعدام المسؤولية هو الحكم الذي  اقتنعت به هيئة المحكمة المكونة من ثلاثة قضاة و أربعة محلفين.

قضية الحال تتعلق بجريمة قتل عمدي راح ضحيتها فتاة عمرها 35 سنة تدعى (ك - ط) تنحدر من بلدية أولاد سي أحمد جنوب الولاية سطيف و المتهمة في الجريمة لم تكن سوى أختها (ك - ح) 32 سنة أستاذة للأدب العربي بثانوية بن نويوة عبد القادر بعين والمان، و ساعدها في الجريمة  كل من والدة الضحية العجوز المسماة  (ك-ح) البالغ سنها 63 سنة و أخت الضحية الصغرى(ك- ن )  الجامعية هي الأخرى و البالغة 24 سنة من العمر .

القضية سبق لمحكمة الجنايات بسطيف النظر في حيثياتها و تفاصيلها في دورة الجنايات  لشهر جويلية 2017 و ألتمس حينها ممثل الحق العام الإعدام للمتهمات الثلاثة لكن هيئة المحكمة قررت عرض المتهمة الرئيسية على خبير ثالث للأمراض العقلية بمستشفى العثمانية لتنافي الخبرتين الأوليتين فيما تم الإفراج المؤقت في ذلك الوقت عن والدة الضحية و أختها الصغرى .

المتهمة الرئيسية : النبي إبراهيم جاءني في المنام و طلب مني رقية أختي على طريقة سيدنا " إسماعيل الذبيح" .

 

لتعاد المحاكمة من جديد و استمعت هيئة المحكمة و جميع من كان في قاعة الجلسات بذهول و حيرة و اندهاش للمتهمة الرئيسية أستاذة الأدب العربي (ك -ح)  و هي تروي تفاصيل الحادثة الشنيعة التي شهدها دوار العمري ببلدية أولاد سي احمد في اليوم الأول من مطلع السنة الجديدة 2017،  كانت المتهمة جد متوترة و هي تتذكر أحداث ذلك اليوم الشتوي المشؤوم ، قالت أنها لم تكن تريد قتل أختها و إنما أرادت رقيتها لأنها كانت مصابة بمرض الصرع الذي كان سببه السحر ، و أجابت على أسئلة القاضية حيث قالت أنها لم تمارس الرقية من قبل و أنها تعلمتها عن طريق قراءة الكتب ، لتذكرها القاضية بما صرحت به عند الضبطية القضائية سواء لدى الدرك الوطني او قاضي التحقيق و هي التصريحات التي كانت متسلسلة بدقة  و واضحة  و جاء في التصريحات التي تبتها القاضية بأن المتهمة صرحت أن قوة خفية  هي من قامت بهذا الفعل  و أنها  نفذت وصية النبي الخليل" إبراهيم" عليه السلام  الذي جاءها في المنام و طلب منها رقية أختها على طريقة  سيدنا "إسماعيل" الذبيح لطرد الجن  و هو ما استجابت له تحت تأثير قوة رهيبة و حالة هستيرية بمساعدة أمها و أختها الصغرى .

المتهمة تجهش بالبكاء عندما تذكرها القاضية بتصريحاتها السابقة لدى الضبطية القضائية.

لتجهش المتهمة بالبكاء تم تهدأ قليلا و تواصل سرد القضية بأنها فعلا قامت بإدخال أختها (ك-ط) إلى حجرة في البيت أين تم  نزع ثيابها بمساعدة والدتها و أختها  و تواصل ،قمنا برقيتها  و تؤكد أنه تم نزع تبان الضحية الذي كان ملطخ بدم الحيض ووضعه على رقبة الضحية حتى خروج دم و رغوة من فمها ، بعدها نزع من الضحية قطعة من جلد أصبعها لتخبر أمها و أختها أن الرغوة و الدم  هم إرجاع الشيء المسحور و أن الجن قد خرج من أختها و هي الآن في حالة غيبوبة  و ستسترجع روحها تدريجيا ، و هو ما صدقته الأم و أختها لمدة ثلاث أيام متتالية و هم يحتفظون بالجثة داخل الحجرة و  تابعت المتهمة الرئيسة أنها كانت متيقنة أن أختها في حالة غيبوبة  و أنها لم تصدق أبدا أنها ماتت حتى و هي تستجوب عند الضبطية القضائية بمقر الدرك الوطني بأولاد سي احمد.

و عندما سألتها القاضية من جديد كيف  يخرج الدم و الرغوة و تبقى الأخت بدون حراك و بدون تنفس و بدون طرح فضلات لمدة ثلاث متتالية و رغم ذلك لم تصدق أنها ميتة ، أجهشت المتهمة مرة أخرى بالبكاء و أجابت أنها لم تكن تتحكم في أفعالها و أنها كانت في حالة غير طبيعية لا يعلمها إلا الله .

وكيل الجمهورية ممثل الحق العام من جهته ركز على أسئلة محددة ، حيث سألها عن ردة الفعل التي قامت بها الضحية بسبب عملية الخنق حيث جاء في تقرير الطبيب الشرعي أن الوفاة كانت بسبب عملية خنق مزدوجة و أن الضحية خُنقت باليد ثم أداة أخرى ، ليوضح أن الأداة الأخرى هي التبان الداخلي  و أنها كانت تستعمل يدها أيضا ، لتجيب المتهمة التي كانت جد متأثرة أن نية القتل لم تكن موجودة إطلاقا و أن البداية كانت دينية و هي الرقية الشرعية لإخراج السحر لأن أختها حسب أقوالها كانت مريضة بالصرع الذي كان أساسه المس.

المتهمة تصرح أنها كانت متأكدة أن أختها في حالة غيبوبة و أن الروح سترجع لها تدريجيا .

ليوضح ممثل الحق العام مرة أخرى بدقة قائلا للمتهمة  أنت قمت بخنق أختك باليد و التبان و الشد القوي بدليل رد فعل الضحية القوي و سألها (الخنق يؤدي إلى ماذا؟) فأجابت المتهمة يؤدي إلى الموت.ليجيب ممثل الحق يكفي هذا ،  لكنها أضافت أنها لم تكن تعي ما تفعل و أنها كانت تمارس طقوس الرقية فقط و حتى عندما قام أخوها و أبوها بكسر باب الغرفة و معرفتهم لما جرى و أن الفتاة قد فارقت الحياة و أن لحمها قد أصبح ازرقا لم تصدق  و بقت مصرة أن الروح سترجع لها تدريجيا . 

المتهمة الثانية (أم الضحية و المتهمة) تصرح لم أكن أدرك ما يحدث و ساعدت ابنتي الاستاذة في مسك ابنتي المرحومة.

المتهمة الثانية بالمساعدة في جريمة القتل العمدي و هي والدة الضحية (ك-ح) وصفت لهيئة المحكمة كيف تم نزع ملابس ابنتها و كيف تم رقيتها و حاولت جاهدة إبعاد نية القتل العمدي عنها  و عن ابنتيها و قالت أن عملية وضع التبان الملطخ بالدم دام حوالي ربع ساعة و انه لم يمارسن عنف على الضحية ، و لكنها لم تستطيع الإجابة عندما سألتها رئيسة المحكمة  هل الرقية تتم على الشخص و هو عاري من الملابس و كيف تقبل أن توضع النجاسة (في إشارة للتبان الملطخ بدم الحيض)على وجه ابنتها و هل الرقية و قراءة القرآن تتم في وسط نجس وكيف لم تعرف أن ابنتها ماتت بعد خروج الرغوة و الدم من الفم ، لتجيب المتهمة أنها لم تستطيع فعل شيء و أنها كانت تستجيب لما كانت تطلبه منها ابنتها الاستاذة دون أي مقاومة أو محاولة لمنعها .

المتهمة الثالثة و هي أخت الضحية الصغرى ، نعم ساعدت اختي الاستاذة في مسك أختي المرحومة و اعترف أني كنت تحت تأثير قوة هسترية قاهرة غير طبيعية .

المتهمة الثالثة بجريمة المساعدة في القتل العمدي هي الأخت الصغرى (ك-ن) و هي أيضا متخرجة من الجامعة بشهادة ليسانس و هو ما تم التركيز عليه من طرف رئيسة الجلسة و ممثل الحق العام و بعد أسئلة لسرد وقائع الحادثة و التي لم تكن مختلفة كثيرا عن ما جاء في تصريح والدتها ، و عندما سُئلت حول كيف لامرأة متعلمة تحمل شهادة جامعية أن تشارك في هذه الجريمة الشنيعة و كيف لم تقم بمنع أختها الأستاذة  من القيام بهذا العمل  و الأكثر من ذلك مساعدتها  بمسك أختها أثناء عملية الرقية المزعومة التي أدت إلى الموت و لماذا لم تتساءل كيف لأختها التي تم رقيتها لا تتحرك و لا تتنفس و لا تتبول لمدة ثلاث أيام كاملة؟.

 لتجيب أنها لم تكن تدرك هي الأخرى حقيقة ما كان يجري و أنها كانت ترى ما كان يحدث هو رقية شرعية و أن أختها الكبرى لم تمت عندما خرج الدم من فمها بل كانت في حالة غيبوبة فقط و روحها سترجع لها تدريجيا كما أخبرتهم بذلك أختها الأستاذة لتضيف المتهمة أنها كانت هي الأخرى تحت قوة هسترية قاهرة غير طبيعية نسبتها الجن.

 أب الضحية ، أنا كفيف و لكن عرفت أن ابنتي ماتت عندما لمستها فوجدتها لحمها بارد.

من جهته أب الضحية ، قال أنه مكفوف منذ سنوات و صرح أمام هيئة المحكمة  أن المرحومة ابنته لم تكن مريضة فهي أصيبت سابقا بالصرع و كانت تسقط أحيانا لكنها شفيت منذ أكثر من 6 سنوات و كانت تمارس عملها في المنزل بصورة طبيعية و أنها كانت منعزلة فقط و حول سبب عدم تدخله أثناء قيامهم بعملية الرقية المزعومة أكد أنه كفيف و حاول عدة مرات الدق على باب الغرفة عندما كان يسمع أصوات لكن لم يفتحن له الباب حتى قام رفقة ابنه (ك-ي ) بكسره و عندما دخل الغرفة و لمس جسد ابنته وجده باردا فعرف أنها ماتت ، و بتأثر كبير قال أن  ابنته الأستاذة هي من كانت تتكفل بمصاريف البيت و أنهم كانوا يعيشون في أمان و لا يعرف كيف أصيبوا بهذه  الضربة كما سماها .

 شهادات متناقضة للإخوة الشهود

أما إخوة الضحية (ك-ي) ، (ك-ب) ، (ك-ض)، (ك-ع) و الأختين (ك-ر) (ك-ن)و الذين تم استدعائهم كشهود  فقدموا تصريحات مختلفة و متناقضة في بعض الاحيان منها تصريح أحد الإخوة أنه كان يسمع  قرأن و أرقام داخل الغرفة، و تصريح أخ آخر بأنه لاحظ أن حالة البنات كانت غير طبيعية في الأيام الثلاث التي تمت فيها الحادثة و تصريح أخر لأحد الإخوة بأن أختهم المتهمة الرئيسة (ك-ح) لم تخرج من الغرفة طيلة الأيام التي تمت فيها الحادثة.

شهادة الإخوة صبت في مجملها أنهم كانوا يشكون بوجود أمر غير طبيعي في المنزل و الأخت (ك-ن) صرحت أنها كانت جد خائفة ،  و عندما سألت القاضية الأخت (ك-ر) لماذا لم تسألي عن إخوتك عندما بقوا 03 أيام في الغرفة أجابت بأنهن قلن لها أنهن مصابات بالحمى ، أما أحد الإخوة فقد صرح أن أختهم المرحومة لم تكن مريضة و أختهم الأستاذة كانت قلقة كثيرا في الفترة الأخيرة .

                                    الدفاع يطلب تخفيف العقوبة و أحد المحامين يطلب الإعفاء من العقاب.

دفاع المتهمين الثلاثة المكون من مندوب نقيب المحامين بعين والمان الأستاذ " خماري مولود" و الأستاذين بوساهل أحمد و بوكروشة يعقوب ، قدموا عدة طلبات في مرافعاتهم حيث طلب أحدهم  تخفيف العقوبة و إعادة تكييف القضية على أساس جنحة القتل الخطأ و طلب المحامي الثاني بتخفيف العقوبة لعدم وجود القصد الجنائي لارتكاب الجريمة بل نية المتهمة هي معالجة أختها فقط ، بينما طلب المحامي الثالث تطبيق نص المادة 47 من قانون العقوبات والتي تنص على انه" لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة وذالك دون الإخلال بأحكام الفقرة 2 من المادة 21 " وطالب بالإعفاء من العقاب.

ممثل الحق العام يؤكد قيام أركان الجريمة و يطلب أقصى العقوبات و الإعدام و المؤبد.

 ممثل الحق العام ، شكك في مداخلته في نتائج الخبرة الثالثة التي أجريت و قال انه يمكن أن يعرف الخبير وضعية المتهمة في الوقت الذي أجريت فيه الخبرة و التي جاء فيها أنها تتمتع حاليا بوضع سوي ،غير أنه لا يمكن أن يحكم على وضعيتها أثناء قيامها بالأفعال المنسوبة إليها ، كما ركز على شهادة الشهود المتناقضة في عدة نقاط و قال أن أركان الجريمة قائمة  خاصة و أن المتهمة الرئيسة صرحت لدى الضبطية القضائية و لدى قاضي التحقيق أن الروح سترجع للأخت تدريجيا  و هذا يعني أنها كانت تعرف أن الروح خرجت و ألتمس الحكم بالإعدام للمتهمة الرئيسة (ك-ح) و بالسجن المؤبد لشريكتيها في الجريمة الأم و الأخت الصغرى.

هيئة المحكمة تحكم ببراءة المتهمة الرئيسية و بعشر سنوات للام و البنت الصغرى اللذان ساعدا المتهمة الرئيسية في الجريمة.

هيئة المحكمة و بعد المداولة نطقت بالحكم بالبراءة التامة للمتهمة الرئيسة الأستاذة(ك-ح) و الحجز عليها في مصحة للأمراض العقلية إلى غاية شفائها و بعشر سنوات سجن نافذ للمتهمتين بالمساعدة في جريمة القتل العمدي و هما والدة الضحية (ك-ح)  و الأخت الصغرى (ك-ن).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عاشور جلابي  / صوت سطيف.



تم تصفح هذه الصفحة 18470 مرة.
فيديو
صورة و تعليق
هدرة الناس
والي سطيف و الكورونا ؟إقرأ المقالة
قناتنا على اليوتيوب
تطوير Djidel Solutions