حالة الطقس
يوم الجمعة
19 أفريل 2024
الساعة: 15:58:26
سطيف : توقيف متورطين في بيع فلوس الكوكلي على أساس صوص انتاج اللحمالعلمة : بعد ضبط كميات كبيرة تباع على الحالة ، تحقيقات مع مستوردي مادة الخشب الموجه للتصنيعبعد قرار إضافة رحلات داخلية جديدة ، هل يتحرر مطار سطيف ؟في ذكرى وفاة الشهيد داهل الذويبي صاحب أهم مركز ثوري بدوار اولاد علي بن ناصر ببني فودةاعادة تعيين رؤساء البلديات الخمس الموجودة في حالة انسداد
الحراك إلى أين؟ رسائل مواطن.
مقالات و مختارات



بقدر ما نحن سعداء بتلك المسيرات السلمية التي غطتها مختلف قنوات العالم في مشاهد جزائرية بإمتياز بطلها الشعب الجزائري بمختلف فئاته وأطيافه رسم من خلالها جزائر جديدة جزائر الحرية جزائر الديمقراطية جزائر الفخر جزائرنا التي ضحى عليها أجدادنا، فإننا نتأسف من جهة أخرى لتعامل النظام الحالي مع شعب عظيم عظمة الشعب الجزائري، شعب ضحى بالأمس بالغالي والنفيس من أجل أن نحيا في أمن وإستقرار في إطار دولة إجتماعية نوفمبرية، تلك الدولة التي بقيت مجرد رسم لم يكتمل وبقيت أحلام الشعب تراوح مكانها فلا هي تحققت ولا هي لم تتحقق في ظل الغموض الصارخ في النظام.

الشعب الجزائري اليوم أعطى درسا للجميع نظاما، سلطة، معارضة، أصحاب القرار، ليقول كلمته مؤذنا بالرحيل دوي سمعه الجميع إلا النظام الذي بقي غارقا في أحلامه السعيدة البعيدة عن آمال وطموحات الشعب الجزائري، هذا الشعب العظيم ألا يستحق رجل عظيم يقوده لبر الأمن والأمان، ألا يستحق حكومة تلبي حاجياته وتكون وفق تطلعاته وطموحاته، ألا يستحق العيش الكريم في دولة القانون والعدالة؟، سيؤكد كل من رأى تلك الصور والمشاهد أن شعب كهذا لا يستحق هذا النظام المتعفن، لا يستحق هذه الوجوه الفاسدة التي تسيره بقدر ما هو بحاجة لضخ نفس جديد على أسس جديدة لميلاد جزائر فيفري، جزائر مارس، جزائر الحرية، جزائر التجسيد والفعل لا جزائر الشعارات لأننا هرمنا وكرهنا كل تلك الشعارات التي لم تأت أكلها ولم تقدم لنا شيء في هذا الوطن الغالي سوى أننا مضينا نحو الخلف في حين الأمم تخطو خطوات ثابتة نحو التطور والرقي والإزدهار وهو ما نحن بحاجة إليه بحاجة لمخلص لنا من الجحيم الذي نعيشه، بحاجة لمن ينقذنا مما وصلنا إليه، بحاجة لمن يحقق حلم شباب لا ذنب له إلا أن حلمه بسيط حلم نستطيع تحقيقه ما إن توافر شروط العدل والمساواة وهو أمر قابل للتطبيق ما إن توفرت الإرادة الحقيقية لخدمة الوطن والمضي به نحو الأمام بدون أدنى مصالح شخصية ضيقة، هذا الوطن بحاجة لرجال مخلصين يحمونه من أنفسهم ويحمونه من كل الفساد والمفسدين وهي المرحلة التي لا بد أن نعمل لأجلها لبلوغ النصر الذي نريد، ليس لأنفسنا بل لأجل مستقبل أبناؤنا من أجل جزائر متقدمة متطورة حضارية للأجيال القادمة التي تنتظر وطن امن مستقر متقدم.


لكن في ظل آمالنا وطموحاتنا التي نريدها أن تتحقق نلاحظ وبكل أسف تعنت النظام في خياراته غير آبه بما يحصل وكأنه يكلمنا ويقول أنا وبعدي الطوفان، ونحن نقول له أترك الوطن لرجاله لأولاده، أترك أمانة الشهداء لشباب الأمة الذين أثبتوا أنهم واعون وقادرون على تحمل مسؤولية الوطن والقفز به ليس نحو بر الأمان بل نحو مصاف الدول المتقدمة، خاصة وأن هذا الشعب مستعد للتضحية بكل شيء من أجل أن يقف الوطن من جديد، إذا وجد من يفهمه ومن يأخذ بيده نحو وطن جديد بمقاربات جديدة تخدم الصالح العام أساسها الأمانة والعدل.

الملاحظ اليوم وللأسف أننا خارج إطار القانون أين سنكون فعليا في ظل ذلك بعد 28 أفريل وهو موعد نهاية حكم بوتفليقة، ولأن الحراك الشعبي من خلال مسيرة الجمعة 15 مارس رسخ مطالبه وأكدها بقوة وبسلمية أين لم تشهد الجزائر بكل ولاياتها مسيرات حاشدة كمسيرة الجمعة 15 مارس وهو ما يوضح للجميع أن الشعب الجزائري رفض كل قرارات السلطة التي أتت ببدوي وزيرا أول ولعمامرة نائبا له والإبراهيمي راعيا لهما، مسيرات جابت حناجرها كل الولايات بدون إستثناء بل بكل دوائر وبلديات الوطن رافضة للتأجيل والتمديد في مشاهد لم يفعلها إلا الجزائريون، وهنا تحضرني كلمة كم من مرة قلتها وهي تتأكد اليوم أن الجزائري لا يحب التقليد، وأنه دائما ما يحب أن يكون صانعا لفرجته بصورة مختلفة عن كل دول العالم ولعل ما حدث ويحدث لخير دليل على ذلك لترسخ صورة جزائر الأبطال بإنفراد، هذه الصورة التي لن تحيد عن مطالبها الأساسية مطالبة برحيل عصابة الحكم التي ما فتأت تغير الوجوه في محاولة لربح المزيد من الوقت، من أجل إضعاف الحراك أو محاولة الإلتفاف على مطالب الحراك وذلك عبر عدة سياسات وإجراءات تهدف في الأساس لإجهاض الحراك من المرحلة الأولى التي ما زلنا فيها، وهو ما لا يمكن تحقيقه في ظل وعي الشعب الفريد من نوعه الذي لا بد أن يستمر في مظاهر التلاحم والأخوة حتى تحقيق النصر و19 مارس غير بعيد.

إن السلطة اليوم تريد أن تلتفت على الحراك بتصوير أنها قامت بتلبية مطالب الحراك وذلك من خلال جملة من التغييرات التي ستقوم بها بتغيير في كل مرة الوجوه حتى تنقص وتقل قوة الحراك، وهو ما سعى له النظام الحاكم منذ الوهلة الأولى للحراك من خلال إستصغار قيمة الحراك من جهة والتشكيك في نواياه وردئه بالعمل للخارج والتخوين وهي أمور دائما ما كانت تطرح في ظل النظام الحالي بتخوين أي أحد لا يسير وفق توجهات وحسابات السلطة، وهو في الحقيقة ما أزم الهوة بين سلطة وبين شعب وجد نفسه اليوم وحيدا غير مؤطر لعدة أسباب أهمها تطليق السياسة بالثلاث من طرف المواطنين خاصة أن السياسة إرتبطت بالفساد وبقضاء المصالح الشخصية الضيقة لا غير، وأيضا فقدان الثقة بين المواطن والسلطة، والثقة بين المواطن والمعارضة التي في واقع الأمر تمثل وجه أقل ضررا من النظام الحالي خاصة وأن جل الأحزاب السياسية التي تصور نفسها أنها معارضة بالأمس القريب فقط كانت تراوح مكانها في كرسي السلطة وتغازل النظام من أجل الإستوزار وحالة الكثير من هذه الأحزاب كثيرة، ولن نذكرها لأن المواطنين جميعا يعلمونها ويعرفون توجهاتها وسياساتها النفاقية من أجل كرسي في السلطة، ولعل الحراك الشعبي السلمي جعل هؤلاء يحاولون أن يركبوه في محاولة لتلميع صورهم ولعل ما حدث لرؤساء الأحزاب من طرد من طرف الشعب ورفضه لمشاركتهم للحراك الشعبي السلمي أو تجاهلهم وكأن مرورهم لا حدث يؤكد أن الشعب واع بمسؤولياته المنوطة به وأننا في عصر الصحوة السياسية التي ملأت حناجر الشعب الجزائري وخاصة شبابه الذي بين للعالم كله أنه فقيه في السياسة بالدرجة الأولى وأنه يعي جيدا ما يفعل، وإن شباب اليوم صراحة منحنا حياة أخرى نتشرف أن نعيشها ونتشرف أن نموت ونحن نحياها ونتشرف أن نحيا أو نموت على قضايا الوطن الراهنة فما أحلى الشهادة في ظل حراك الوطن، وما نقدمه نحن جزء بسيط لهذا الوطن الذي خذلناه بالأمس خذلناه لأننا كنا صامتون لا نتكلم، لكن اليوم القيد قد إنكسر فالشعب إذا أراد يوما الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.

إن إشكالية تأطير الحراك الشعبي السلمي ستبقى مطروحة كثيرا ومن الصعب الجزم بمصيرها ذلك أن ملايين المتظاهرين في واقع الأمر لا يمكن التحكم فيهم من طرف مجموعة ضيقة لعدة أسباب أبرزها أن مسألة الثقة تنعدم بتاتا لتجارب سابقة، ولعل وجوه النظام الحالي هي في واقع الأمر كانت ممثلة لحراك مضى، وهو ما يعني أن ممثلي الحراك الحالي-وهنا أنا لا أجزم بل أقدم قراءة تحليلية لما حصل- قد يكونون نظام حال ومنه سنعود لنقطة الصفر وكأننا لم نتحرك ولم نقم بشيء وذلك سيعزز لدينا سلبية الأمر وسننتظر الجيل القادم ليقوم بما قمناه وهكذا تستمر الحياة ونستمر في إنتاج أنظمة أخرى بأوجه جديدة لا تغير شيء وتبقى دار لقمان على حالها ويبقى المستفيد الأول والأخير النظام الحالي والخاسر الوحيد دائما هو الشعب والمواطن والشباب على وجه الخصوص الذي لن يحقق أي شيء، ومن هذا المنبر علينا أن ندعوا الجميع أن يكون واقعيين ومسئولين أمام الحراك كي لا تسرق ولا تقطف ثماره من طرف لصوص تعودوا على ذلك منذ القدم، وهو ما لا نقبله لأن من يسرق الحراك فقد خان الوطن وخان هذه الجماهير التي لم تكلف أحدا ليتكلم بإسمها أو يتحدث عنها، فالمطالب واضحة ولا تستدعي مرسلا، فالرسالة وصلت للنظام إذا أراد أن يسمعها حقا.

إن الكثير يطرح عبر مواقع التواصل الاجتماعي ممثلي أو قادة الحراك وهي محاولة للترويج لشخصيات وطنية معينة قد إتضحت تصوراتها من قبل حول الحراك أو كانت غائبة وإلتحقت بالحراك في محاولة لركوب أمواجه، ولعل هذا الطرح نفسه تروج له السلطة لأنها بكل بساطة تريد وجوه معروفة جيدا من هذه الشخصيات التي يمكن الإلتفاف حولها وتقريبها منها وهنا تتم عملية إجهاض للحراك بطريقة ذكية من طرف النظام الحالي، وهنا على المواطن أن يكون أكثر ذكاءا من هذه السلطة كي يحقق ما يريده بسلاسة وبواقعية ومنطقية وبأقل الأضرار الممكنة، وهنا على الشعب أن يكون مهندسا بارعا لحماية حراكه من كل من تسول له نفسه أن يبيع ويشتري في قضايا الوطن.

علينا أن نكون حذرين جدا في الترويح لشخصيات أساس معروف توجهها من البداية ومعروف معسكرها الذي تنزوي فيه من أجل التموقع وإفتكاك ما تريده من النظام بطريقة أو بأخرى، وإن كانت هذا الحذر هو مسؤولية الجميع عن طريق التوعية خاصة وأننا في مرحلة لم تتبلور بعد الصورة حول مآلات الحراك، فإننا نترقب ميلاد جمهوريتنا الجديدة وكلنا أمل في الإنتصار إنتصار سيكون بعون الله أولا وبدعوات المخلصين لهذا الوطن وبجهود كل أبنائه وبتظافر الجميع كل من موقعه وكل من مكانه لحماية الوطن، وطن يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى لمن يسهر على حمايته وبلورة طموحات وأحلام شبابه وتجسيدها في الواقع.

يكفينا فقط من خلال النظر لجميع الشخصيات التي يسوق لها الإعلام المحلي أو الدولي أو العربي مع أن عملية التسويق هذه لا نقول أنها بريئة أو أنها عفوية لأنه لا يوجد في هذه المرحلة ما هو عفوي بل إنها سياسة مدروسة ومقصودة من  طرف صانعي القرار، وكذا أصحابها الذين تحت الطاولة يقرون بأنهم يمثلون الحراك وأمام الحراك يدعون أنهم لا يريدون تمثيله بداع العفة من أجل اللعب بدورين متناقضين وهي سياسة معروفة يمكن أن يكتشفها أي مواطن بسهولة وببساطة متناهية الأبعاد، فالملاحظ على هذه الشخصيات أنها تتبع أساس تيارا معينا أي أنها تنتمي في واقع الأمر لإيديولوجيات معينة قد تكون بعيدة كل البعد عن ما يريده الحراك الشعبي السلمي مع أن ما يريده الحراك الشعبي وهي نقطة لا بد من الإشارة إليها هو ما تريده كل أطياف الحراك الشعبي التي جابت 48 ولاية وليس العاصمة فقط، فصحيح أن العاصمة في قلب الحدث لأنها مركز السلطة ومركز تواجد النظام وهي أكثر تأثيرا من غيرها من الولايات الأخرى، لكن هذا لا يجعلنا نغيب قيمة الولايات الأخرى شرقا وغربا وجنوبا ووسطا، لأن لكل دوره في هذا الحراك ولكل مهمته، وفي النهاية إن الوطن واحد والهدف واحد وهو جزائر جديدة وفق جمهورية ثانية أساسها العدالة والكرامة لكل مواطن جزائري أينما حل وأينما وجد.


وإن سلمنا بأن الحراك هو وطني بالدرجة الأولى وشعبوي بالدرجة الثانية فإنه من المهم تناسي مختلف الفئات المهنية لأن التحدث بالفئوية سيقضي على الحراك أين سيكون لكل فئة مطالبها وتصوراتها وهو ما قد يخالف تصورات فئات أخرى أو الحراك الشعبوي الشباني وهو ما يكون عاملا يقسم الحراك ولا يوحده، لذا فمن المهم ترك الحراك وطني شعبي بدون أي فئات معينة لأن الأساتذة، الطلبة، الأطباء، القضاة، المحامون، العمال، الموظفون، وغيرهم هم أساسا قبل أن ينتموا لأي فئة مهنية هم مواطنون وعليه فهم جزء من الحراك، وهنا وفي هذا المقام علينا جميعا أن نرفع قبعاتنا ونبقي القبعة الوحيدة وهي قبعة المواطن وأنا هنا مواطن مثل مثل باقي المواطنين الشرفاء المخلصين لهذا الوطن والخائفين على مصيره، فالمشاهد التي نراها كل جمعة هي مشاهد مواطنون بدون أي فئات مهنية وهو ما يجعل الحراك شعبيا وطنيا بإمتياز دون محاولة تشويهه من خلال بلورة المهن والفئات التي لن تخدم الحراك بقدر ما ستؤزم الإنقسامات وتشعل فتيل الفئوية وهو لن يخدم الحراك وهنا على الجميع الحذر من بعض السلوكيات التي قد تكون مقصودة أو عفوية والتي قد تجعل الحراك الشعبي السلمي يتوجه لمسار آخر لن يخدم إلا النظام أو المعارضة السلطوية ولن يخدم الشعب الذي سيكون اللاعب الوحيد الخاسر في هذا الحراك.

وكما قلت سابقا أنا لا أكتب إلا من أجل الوطن، وكمواطن حر يسعى بقلمه أن يرسل رسالة لكل حر لحماية الحراك الشعبي السلمي، حراك نريده أن يرفع عنا العبودية التي عشناها دهرا كاملا، ولا نريد أبنائنا أن يعيشوها بقدر ما نريد أن ننعم وإياهم في أرض الحرية أرض الشهداء، ونعيش كجزائريين شرفاء في ظل العدالة وغياب الفساد، وهو أمل كم نرجوا أن يتحقق قبل أن نفارق هذه الحياة، نراه يتجسد ونحن بجواره نسير نحو بناء الوطن، الوطن الذي نريده كشعب أراد أن يعيش بكرامة وحرية في وطن إسمه الجزائر وما أدراك ما الجزائر، وكم نأمل النظام أن يفهم نفسه ويرحل أليس فيكم رجل رشيد.

الجزائر أولا وكل شيء

د.بحري صابر، جامعة سطيف02، مواطن مع الحراك.

تم تصفح هذه الصفحة 4299 مرة.
فيديو
صورة و تعليق
هدرة الناس
والي سطيف و الكورونا ؟إقرأ المقالة
قناتنا على اليوتيوب
تطوير Djidel Solutions