حالة الطقس
يوم الثلاثاء
23 أفريل 2024
الساعة: 16:37:48
عين الروى، حطام المباني الوظيفية يهدد حياة التلاميذ .القادة المجتمعون في تونس يؤكدون على ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيقسطيف :ديون سونلغاز475 مليار سنيتم ، وتحصيلها يشكل وجع دماغ حقيقيأميار يماطلون في تنفيذ تعليمة الوالي بشان وضع المنتخبون في حالة ديمومةمخرجات اجتماع مجلس الوزراء
لا تركبي هذا القطار؟
ثقافة و فن

لا تركبي هذا القطار؟

سمية سعادة

 

 شدني نداؤها، وشغلتني استغاثتها، ترى ما الذي يجعل فتاة في مقتبل العمر تستعجل للزواج من رجل لم تعرفه إلاّ من خلال صورة باهتة على النت؟ أو من خلال دردشة عابرة على الماسنجر؟ أتراها سمعت صافرة “القطار” الأخير للزواج وهي لا تزال في ريع الشباب؟

قبل أيام، قرأت في أحد المنتديات نداء أشبه باستغاثة منقول من"فيسبوك" لفتاة جزائرية في الـ 21 من العمر، تطلب على وجه الاستعجال إفادتها بالتفاصيل المملة حول كيفية الاستفادة من تأشيرة السفر، والوثائق اللازمة لإتمام زواجها- في مدة قصيرة، ودونما إهدار للوقت- من رجل أمريكي مسلم من كاليفورنيا، ولأنها توقعت ردودا منتقدة وساخرة من طلبها، فقد ذيلت نداءها بما يشبه” التهديد”، بما يجعلها متأهبة لشطب كل الأشخاص الذين يتعدون حدود الأدب والاحترام، ويتهكمون على طلبها المستعجل الذي جعلها تبدو وكأنها تريد أن تركب قطارا على أهبة الإقلاع.                      

لم أكد أنهي قراءة هذا النداء، حتى تذكرت حادثة مشابهة تعرفت على صاحبتها قبل سنوات، حيث اتصل بي أحد الصحفيين المصريين الذين كنت أتعامل معهم في تلك الفترة، وطلب مني طلبا غريبا، وقبل ذلك طرح علي سؤالا “استقصائيا”، هل يسمحون لكم في الجزائر بتحويل الأموال إلى دول أخرى؟” فأجبته على الفور:”على حد علمي لا يسمح بتحويل أي مبلغ إلى الخارج حتى عن طريق وكالات تحويل الأموال “واسترن يونيون” التي تستقبل الأموال دون أن تحولها إلى أية جهة خارج الجزائر، هذا الجواب لم يكن”مقنعا” لزميلي المصري ليسحب طلبه، فقد أعطاني رقم هاتف فتاة جزائرية تعرفت على صديقه عبر الماسنجر، ووعدها بالتقدم لخطبتها من أهلها في الجزائر على شرط أن ترسل له مبلغا من المال، مصاريف التنقل و”اللازم منو” على حد تعبير إخواننا المصريين، وطلب مني أن أرشدها إلى طريقة تستطيع أن تحوّل بها الأموال إلى صديقه، واتصلت بالفتاة، وفي نيتي أن أردها عن هذا المشروع “البائس التعيس”، فقد أخذتني العزة ب “بنت بلادي” التي يراد بها مصيرا حالك السواد، فأي زواج هذا الذي يجعل المرأة تتنازل عن كرامتها وتدفع الأموال للرجل ليتزوجها، وأي زواج هذا الذي يجعل هذه الفتاة “الحمقاء” ترسل أموالها لرجل في دولة أخرى لا تعرف إن كان جادا في طلبه أو زعيم عصابة أو”شيخ منصر” أو ربما امرأة ادعت أنها رجلا؟، ترى هل تعرف هذه الفتاة “الساذجة” ما ينتظرها في الضفة الأخرى إذا كتب لهذا الزواج أن يتم؟ ألم يخطر ببالها   أن الرجل قد يكون  متزوجا وأبا لعدة أطفال؟ ألم يخطر ببالها أنه ربما يكون منحرفا؟  أتراها فكّرت في مصيرها إذا ذهبت إليه في بلده واكتشفت أنه مسيحي أو حتى يهودي؟ لمن تلجأ ساعتها، لمن تشكو عثرتها، من يمسح دمعتها، بل من يدفع لها ثمن التذكرة لتعود إلى الجزائر؟

فإذا كانت المرأة لا تستطيع أن تضمن أخلاق وصلاح الرجل الذي تنوي الزواج به وهو يسكن في مدينتها وخلف حيها، فكيف لها أن تضمن رجلا يسكن في بلد آخر؟

  كل هذا فكرت فيه قبل أن اتصل بها، ونويت أن أسكبه في أذنها دفعة واحدة بعد أن أقنعها بأنه لا مجال لإرسال أي مبلغ للخارج، وربما هذه هي الحسنة الوحيدة التي تحسب للجزائر بمنعها تحويل الأموال، فإذا بها تؤكد لي الأمر قائلة: “إذن أنت متأكدة مثلي أنه لا يمكنني أن أرسل المبلغ لمصر؟” وكأنها كانت تبحث عمن ينقذها من هذا الموقف، ويوفر عليها أموالها وربما يقنعها بالتراجع عن هذا الزواج

مثل هذه الفتاة، وتلك التي افتتحت بها الحديث، كثيرات، نجدهن ضاغطات على “الزناد”، متأبهات للمغامرة، متسمرات أمام شاشات الحواسيب، لعل “ظل” رجل يمر، جزائري، مصري، هندي…المهم يحمل في بطاقة هويته تسمية “ذكر”، لتركب معه “القطار” الذي لا يأتي إلاّ مرة واحدة، ولا يهم بعد ذلك إذا ارتطم بها في جبل شاهق، أو هوى بها في  هوة سحيقة

صحيح أن “القطارات” قليلة هذه السنوات، و لكن احذري أن تركبي “قطارا” من هذا النوع، لأنه لا يمكنك العودة إلى المحطة التي غادرت منها إلاّ وأنت مفتقدة لراحة البال، ودفء الأمان..



 

تم تصفح هذه الصفحة 3076 مرة.
فيديو
صورة و تعليق
هدرة الناس
والي سطيف و الكورونا ؟إقرأ المقالة
قناتنا على اليوتيوب
تطوير Djidel Solutions